Friday, February 25, 2005

القصيدة و القصر



في ذلك اليوم، أطْلع الإمبراطور الشاعر على مملكته .سار الاثنين كشقيقين ، تركوا خلفهم أبواب القصر الستين ذات اللونين الفضى و الذهبي ، و خرج الاثنان ، إلى جنة صغير ملحقة بحديقة القصر و محاطه باغصان الاشجار المتشابكة ، سار الاثنين كطفلين


أضاعا أنفسهم في الجنة، بمرح في البداية، و بكامل ارادتهما ، كأنهما يتنازلا ليلعبا لعبة، لكن بعد ذلك ، لاحظ الاثنين ان طرق الجنة المستقيمة تتعرّض للتقويس، بشكل خفيف جدا، لكن متواصل (وبشكل سري اسمحوا لى ان اخبركم ان تلك الطرق كانت عبارة عن دوائر).

قرب منتصف الليل أتاحت لهم مراقبة النجوم وأضحية سلحفاة ملائمة كانت تتبع ظل الامبراطور كنوع من البروتكول الامبراطورى تحرير أنفسهم من ذلك المكان الذي يبدو أنه مسحور، لكن لم يتحرّروا من إحساسهم بأنهم ضائعين، فقد رافقهم ذلك الشعور حتى النهاية.
اجتازوا ردهات وباحات ومكتبات في تلك الأثناء، وغرفة سداسية تحوي ساعة مائية، وفي صباح ما وهم فوق برج ما، لمحوا رجلاً حجرياً، لكنهم فقدوا رؤيته بعد ذلك إلى الأبد.

عبروا الكثير من الأنهار الصافية في زوارق من خشب الصندل، ربما كان نهر واحد عبروه مرّات عديدة. كان يبدو من المستحيل أن تكون الأرض شيئاً سوى حدائق، برك مياه، مبان، ومنشآت فخمة. كل عدة مئات من الخطوات يشق برج السماء، كانت ألوانها تبدو للعين متشابهة، لكن في الواقع كان أولها له لون أصفر، والأخير قرمزي، كان التدرّج في الألوان دقيقاً جدا

الى هنا تقول الحكاية ان الامبرطور جمع الرعايا و و افتخر امامهم بقصرة الذى جمع الدنيا و الاخرة و قال جملته المشهورة:
أأنا الأعظم ام صاحب الكلم

كان ذلك عند سفح البرج ما قبل الأخير حيث ألقى الشاعر -الذي بدا كأنه لم يتأثر بالأعاجيب التي أدهشت الباقين- القطعة القصيرة التي نجدها اليوم مقترنة باسمه بشكل دائم والتي، كما يراها أعظم المؤرخين، منحته الخلود والموت. على كل فُقد النص.

هناك البعض الذي يؤكّد أنه يتكوّن من سطر واحد، وآخرون يدّعون أنّه لا يحوي سوى كلمة واحدة. الحقيقة، الحقيقة التي لا تُصدّق

أنه في القصيدة ينتصب القصر الضخم، بشكل كامل ومفصّل بدقّة، بالخزف اللامع وكل رسم على كل قطعة خزف والضوء والظلال لكل بزوغ فجر وكل لحظة تعيسة أو فرحة للسلالات الحاكمة المجيدة للموتى، الآلهة، والتنينات التي أقامت فيه من الماضي السحيق. لزم الجميع الصمت، لكن الإمبراطور صرخ بجملته الاشهر من جملته الاولى :
لقد سرقت مني قصري

وصرع سيف الجلاد الشاعر.
يحكي آخرون القصة بطريقة مختلفة. فلا يمكن أن يوجد شيئين متشابهين في العالم، ، يقولون، ان الشاعر كان عليه فقط أن يلفظ القصيدة كي يختفي القصر، وكأنه مُحي، وينسف إلى أجزاء صغيرة بمجرّد الوصول إلى المقطع الأخير.

أساطير كهذه، بالطبع ليست سوى خيال أدبي. فالشاعر كان عبداً عند الإمبراطور وعلى هذا النحو مات. ومؤلفه غرق في النسيان لأنه يستحق النسيان ولا زالت سلالته تبحث عن تلك الكلمة الواحدة التي تحوي الكون ، وسوف لن تجدها،.


0 Comments:

Post a Comment

<< Home