Friday, February 25, 2005

يد القدر


كنت في السادسه حينها عندما دلفت لأول مرة إلى المكتبة العامة في ميدان الملائكة .. مكتبة دار الحكمة ، أعرق مكتبات بلادنا و أوسعها ، حينها كان الوقت ليلا يقترب من السابعة ليلا .. و كالمسحور عبرت في الممرات من قسم كتب الفن القديم ، الى رسومات الفنانين الكلاسيكين ، الى الكتالوجات الضخمة ذات الورق المصقول و الألوان اللامعة ، توقف قليلا عند قسم الفن الايروتيكى و رسومات النساء و الرجال و الاطفال العرايا أتأملها بدهشة الطفل

خرجت بعدها لاتحسس مجلدات الشعر الفخمة ذات الأحرف المذهبة و صور الشعراء التى تزين اغلفتها الأخيرة ، و بينما انتقل بعينى من رف لرف .. وجدته في مواجهتى بلحيته البيضاء الطويلة و رداءه الأبيض كرجل خرج لتوه من كتب الأساطير .. نظر مباشرة نحو عينى ، لكنى لم ارتعب ، مد يده الى ، فسلمته كفي ، اتسع ثغره عن ابتسامه و قال
أنا هلداك كبير الأمناء .. تعالى معى -

و كأنى اعرف!!! تبعته بخطواتى الصغيرة التى تليق بطفل في السادسة و صلنا إلى رف للكتب المكتوبة باللغة الهيروغلفيه المقدسة ، فمد يده للرف الثالث من فوق و عد خمس كتب من اليمين ثم سحب الكتاب السادس ، فتحركت الأرفف كلها نصف دورة ، و كشفت عن سلم طويل يقود للأسفل .. نزلنا معا تسع و تسعين درجة على ضؤ كشافا كهربي حتى و صلنا الى ممر بطول سبعين خطوة ينتهى بباب حديث الشكل الكترونى المفتاح ، فلما دخلنا رأيت و لأول مرة بعينى " ذخيرة الحكم" كنز الامبروطورية المقدسة المحفوظ بحروف دقيقة ببنط 7.5 على اوراق رقيقة مجموعة كل 500 صفحة في مجلدات بطول 25 سم و عرض 18سم مصفوفة في صفوف طويلة لا تنتهى تملئ قاعة تتسع لدائرة "ميدان الملائكة "بالمبانى المحيطة به

و قفت مذهولا على الحافة أتأمل الأصفف تحت الإضاءة المبهرة لمصابيح النيون الكثيفة التى تغطى المجلدات بغلاف من النور المبهر .. لثلاث دقائق من الصمت و قفنا ، و حين عدنا بعضها ، همس في أذنى و هو يودعنى على باب المكتبة
احفظ السر -
ثم التفت لأبى الذى اتى لاصطحابي
لقد كان و لدا طيبا -

* * *

بعدها بسنوات طويله حين سألت "هلداك "لما اختار ذلك الطفل ذو الست اعوام في ذلك الوقت ليكشف له ذلك السر قال لى
كل مقدر في لوح مكنون يحمله نهر سيحون ، أنا لست سوى يد القدر -
ترى هل في تلك اللحظة التى تقرأ فيها تلك العبارة ،... أنت ايضا مدفوعا بيد القدر لتختارك انت لتعرف سرى الصغير .. و لترى معى امبروطوريتنا و هى تتداعى

3 Comments:

Blogger shady said...

ما احلى عالمك السحرى المجنون

5:11 AM  
Blogger الحمد لله said...

نهر سيحون؟؟
اعتقد الاسم مش غريب عليا.. متهيالى ده موجود فى التوراة.. او ممكن اى اسطورة
ياريت ترد عليا

11:34 PM  
Blogger Unknown said...

جيحون,,,سيحون...انا لك ممنون..لانك

كنت ابن ستة وفاكر كل التفاصيل دى كلها

9:45 AM  

Post a Comment

<< Home