Thursday, April 28, 2005

كيف تصعد للسماء؟




حكي لي طوربارا ذات مرة ، كيف أن حكيماً قديما من هؤلاء الذين اخذ الناس عنهم تلك العبارات القصيرة التي اعتقدوا أنها خلاصه الحكمة كان له تلامذة مخلصون يطلبون علمه و بركته في الجهات الأربع كلها ، و قد دأب كل تلميذ من الأربعة أن يرسل ثمانية من الخدم ضخام الجثة ليحملوا الحكيم على محفة من خشب الزان و يحضروه لسيدهم لأخذ العلم و البركة منه و الهبات و الهدايا منهم .

و كانت زيارة الحكيم لكل تلامذته المنتشرين في الجهات الأربع تستغرق اثني عشر عاماً ، و في أحد رحلاته اعترض طريقه رجل شعره أسود و يدعى جون لكنه ليس اسمه حيث كان الناس ينادونه هكذا سخرية من خفة عقله ، و حينما حاول الخدم إبعاده عافر معهم و أصر ألا يتحرك إلا إذا تحدث للحكيم ، فأمر الحكيم الخدم بان ينزلوا المحفة و سأل الرجل عن مبتغاة ؟

فقال جون ذو الشعر الأسود :
-أريد أن أصعد للسماء

فرد عليه الحكيم في وجل و خشوع مصطنع :
-عليك فقط أن تقف هنا و ترفع يديك و عينيك للأعلى

فقال جون ذو الشعر الأسود :
-حقاً ، هكذا فقط

قال الحكيم :
-نعم هكذا فقط

فرفع جون يديه و عينيه لأعلى نحو السماء ، و حينها أمر الحكيم خدمه أن ينطلقوا بسرعة حتى يهربوا من المخبول ذو الشعر الأسود .
و بعد اثني عشر عاماً مر الحكيم من نفس المكان حيث وجد رجلاً نحيفاً أبيض و طويل الشعر بينما ذقنه قد نمت و ابيضت أجزاء كثيرة منها و أظافره قد استطالت و تجمع أسفل منها الكثير من الأوساخ ذات اللونين البني و الأسود ، يقف ناظراً للسماء رافعاً يديه ، و على الفور تذكره الحكيم ، و في تلك اللحظة أخذ جون يرتفع لأعلى صاعداً نحو السماء ، حينها جرى الحكيم ليحاول إمساك جون من قدميه في محاولة للصعود معه .